في 24 نوفمبر 2009، شهدت مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية أمطارًا غزيرة لم يسبق لها مثيل، حيث انهمرت قطرات المطر من السماء دون توقف، وسرعان ما تحولت الشوارع إلى فيضانات أنهار، مما أدى إلى غرق البنية التحتية في دقائق، وترك آثار. وفقدت الذاكرة الجماعية للمدينة بسبب هذا الفيضان التاريخي غير المسبوق.
ومنذ هذا الحدث الذي فُسِّر حينها على أنه أحد العواقب الواضحة للتغير المناخي، أصبح للمدينة موعد سنوي لهطول أمطار غزيرة، كانت أعنفها قبل نحو عامين، في نفس اليوم “24 نوفمبر/تشرين الثاني”. . .
الأسطح الخضراء ليست مجرد منظر جمالي أو تقنية مبتكرة لتوفير الطاقة، ولكنها أيضًا… فحص وهي منشورة في “مجلة جامعة الملك سعود للعلوم الهندسية”، مستوحاة من تجارب في مناطق أخرى من العالم، وهي أداة فعالة لمكافحة الفيضانات، حيث تساعد على امتصاص مياه الأمطار وتخزينها بشكل طبيعي.
تعتمد هذه التقنية على تغطية أسطح المباني بطبقات من النباتات والتربة التي تمتص الماء جزئيا، بينما يتم تصريف الباقي ببطء وبشكل منظم، مما يقلل من سرعة وكمية المياه الواصلة إلى شبكات الصرف الصحي، مما يساعد على لتخفيف الضغط لديه عندما تهطل الأمطار على الأسطح التقليدية فإنها تسقط في هذه الشبكات التي تقوم بتصريف المياه مباشرة إلى شبكات الصرف أو الشوارع مما قد يسبب تراكم المياه وحدوث فيضانات خاصة إذا كانت هناك كمية كبيرة من الأمطار ولم تتمكن شبكات الصرف من امتصاصها. بالكامل
الفرق بين السطحين يشبه صب الماء في كأسين، أحدهما غير مغطى بالإسفنجة، والآخر في الكأس الأول، فصب الماء بسرعة كبيرة يؤدي إلى فيضانه وسقوطه على الأرض، ويمثل المناطق الحضرية التي لا عدم وجود أنظمة للتحكم في الجريان السطحي، مثل الأسطح الخضراء، ونتيجة لذلك، تتجمع المياه وتتدفق إلى الشوارع، مما يسبب الفيضانات.
أما الزجاج الثاني فإن الإسفنجات الموضوعة في أسفل الزجاج تمتص الماء تدريجياً، وهذا يدل على المناطق الخاضعة للأسطح الخضراء، والتي تمتص الماء الزائد وتمنعه من التدفق إلى الخارج، مما يقلل من مخاطر الفيضانات.
تجارب واعدة من الدراسات السابقة
يعد استخدام الأسطح الخضراء للوقاية من مخاطر الفيضانات تجربة مثبتة في العديد من البلدان وتم توثيقها في العديد من الدراسات السابقة، من بين دراسات أخرى. لتحليل أظهر تطبيق على سطح قاعة المدينة في شيكاغو في عام 2003 أن الأسطح الخضراء يمكن أن تمتص ما يصل إلى 75٪ من مياه الأمطار خلال مواسم الأمطار. من الجريان السطحي الغزير في الأمطار الغزيرة.
وعقدت أيضا في تورونتو، كندا، في عام 2010 لتحليل مشروع واسع النطاق تم فيه تركيب أنظمة الأسطح الخضراء على عدة مباني في المدينة، وأظهرت النتائج أن هذه الأسطح ساعدت على تقليل تدفق المياه بنحو 60% أثناء هطول الأمطار الغزيرة، مما قلل من احتمالية حدوث الفيضانات.
وأكلته لتحليل تم إجراء دور الأسطح الخضراء في تعزيز “الإدارة المستدامة لمياه الأمطار” في برلين، ألمانيا، وركز على المناطق السكنية ذات الكثافة السكانية العالية. وأظهرت النتائج أن الأسطح الخضراء تساعد في تقليل الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة بنسبة تصل إلى 50%.
ويشمل أيضًا الخبرة السابقة، لتحليل وأقيمت في مدينة سيول بكوريا الجنوبية التي تعاني من فيضانات متكررة بسبب الطقس الموسمي القاسي. وأظهرت النتائج أن الأسطح الخضراء خفضت حجم جريان المياه السطحية بنسبة 40٪ إلى 60٪، وتجاوز شبكات الصرف الصحي ومنع الفيضانات في بعض المناطق الحضرية المزدحمة.
باستخدام النموذج الأمريكي
واستلهم الباحثون السعوديون تجارب هذه التجارب السابقة، وطبقوها طوال دراستهم النموذج قامت إدارة مياه الأمطار التابعة لوكالة حماية البيئة الأمريكية بوضع مجموعة من السيناريوهات لاختيار الأنسب لمدينة جدة.
النموذج الأمريكي هو أداة برمجية متقدمة تستخدم لتصميم وتحليل أنظمة إدارة مياه الأمطار والصرف الصحي في المناطق الحضرية. فهو يساعد في تحليل الجريان السطحي، وكيفية تجمع مياه الأمطار وتدفقها في المدن والمناطق الحضرية، ويقوم قسم النظام الهيدرولوجي بتحليل سلوك التدفقات.
يستخدمه المهندسون والمخططون لتصميم وتحسين شبكات الصرف الصحي ومصارف العواصف والمصارف، وضمان الإدارة الفعالة لمياه الأمطار ومنع الفيضانات، ويمكن وضع سيناريوهات متعددة للتغيرات المستقبلية في الطقس أو التطورات الحضرية، مما يساعد على اتخاذ قرارات أفضل. حول البنية التحتية لمكافحة الفيضانات.
ويمكن أيضًا استخدام النظام لتحليل تأثير البنية التحتية منخفضة التأثير، مثل الأسطح الخضراء وحدائق المطر والأرصفة النفاذية، على تخفيف الفيضانات وتحسين إدارة مياه الأمطار، حيث يمكنه تقدير تراكم ونقل الملوثات مع الجريان السطحي.
4 سيناريوهات للأسطح الخضراء
وباستخدام الجانب المتعلق بتأثير البنية التحتية منخفضة التأثير، استخدم الباحثون برامج متقدمة قدمها النموذج الأمريكي لتحليل تدفق المياه وتقييم كيفية تفاعل النظام الحضري مع كميات كبيرة من الأمطار التي يتم تصريفها والسيطرة عليها في 6 أحياء بوسط المدينة. جدة باستخدام الأسطح الخضراء.
في السيناريو الأول، عندما لا يتم استخدام الأسطح الخضراء في المناطق الحضرية، أظهرت النتائج أنه بعد 30 دقيقة من انتهاء العاصفة المطيرة التي استمرت 3 ساعات، كانت معظم الضواحي الشرقية تعاني من انخفاض الجريان السطحي بسبب وجود المنحدرات الشديدة، مما أدى إلى سمح للمياه بالبقاء. لكن على العكس من ذلك، كان في المناطق الغربية تصريف أعلى بكثير إلى السطح، يصل إلى 2 متر مكعب في الثانية، وبسبب المنحدرات الصغيرة والعمران الكبير، تم تصريف كمية الأمطار بشكل صحيح. سد القنوات الرئيسية بشكل فعال والتسبب في فيضانات شديدة في المناطق المنخفضة.
وفي السيناريو الثاني، تم تطبيق الأسطح الخضراء على 30% من الأسطح، ورغم أن ذلك ساعد على إظهار بعض التحسن في تصريف المياه، إلا أنه لم يكن هناك تأثير كبير في الحد من الفيضانات في الأحياء المتضررة من السيناريو الأول، وهذا هو السبب. ولم تكن الكمية الإضافية من المياه التي خفضتها الأسطح الخضراء كافية لتخفيف الضغط على القنوات الرئيسية التي كانت تعمل بالفعل بكامل طاقتها.
وفي السيناريو الثالث، عندما زادت نسبة تطبيق الأغطية الخضراء إلى 50%، أدى ذلك إلى انخفاض كبير في التصريفات السطحية في جميع المناطق، كما انخفضت تدفقات المياه بنسبة تصل إلى 50% في المناطق ذات المنحدرات الشديدة، وفي قنوات الصرف المنخفضة. . بدأ النظام الرئيسي في العمل بكفاءة أكبر ولم تعد هناك أي علامات على الانسداد، مما أدى إلى انخفاض عدد الفيضانات.
وفي السيناريو الرابع والأخير، عند تطبيق الأسطح الخضراء بنسبة 70%، كانت هذه النسبة كافية لتقليل تدفق المياه بشكل كبير في جميع المناطق الحضرية، وانخفض تدفق المياه السطحية في المناطق الشرقية من 3.8 متر مكعب في الثانية إلى 1.8 متر مكعب في الثانية . بالإضافة إلى ذلك، انخفض تدفق المياه في القنوات الرئيسية في مناطق أخرى بمقدار النصف تقريبًا، مما منع انسداد القنوات وقلل بشكل كبير من حدوث الفيضانات.
وقد أظهرت هذه السيناريوهات أن تطبيق الأسطح الخضراء يمكن أن يكون حلاً فعالاً لمنع الفيضانات في المدن الحضرية، فبين نسبة تطبيق تقنيات الأسطح الخضراء وانخفاض تدفق المياه السطحية، كلما ارتفع عدد الأسطح المغطاة بالتقنيات الخضراء، كلما انخفضت معدلات الفيضانات بشكل ملحوظ.
ومع ذلك، يجب تطبيق هذه التقنيات بحذر في المناطق المعرضة للعواصف المطيرة لفترة طويلة، حيث أن نسبة صغيرة من الأسطح الخضراء (تصل إلى 30٪) قد لا تكون كافية لتقليل جريان المياه بشكل كبير.
تحديات التطبيق العملي
وعلى الرغم من النتائج الإيجابية للدراسة، إلا أن هناك تحديات لضمان فعالية تطبيق الأسطح الخضراء في مدينة جدة، ومن أهم هذه التحديات استدامة الأسطح الخضراء على المدى الطويل في ظل حرارة جدة وحرارتها. المناخ رطب، كما يقول علاء حموية المدير الإقليمي للمركز الدولي لبحوث المناطق القاحلة والجافة (إيكاردا) التابع للجزيرة نت.
وكما أوضح حموية، فإن هذه الفكرة تتطلب إعادة تصميم المباني للتركيز على الأسطح الخضراء عندما لا تتوافر مياه الأمطار في الصيف. ومن ناحية أخرى، يجب أن يكون هناك تصميم يسمح بامتصاص الماء الزائد من احتياجات النباتات أثناء هطول الأمطار الغزيرة في الشتاء، حيث أن التربة لديها القدرة الأكبر على امتصاص الماء.
ولتحقيق فائدة أكبر، يوصي حموية باستخدام أكثر من طريقة لإدارة مياه الأمطار والتقليل من آثار الفيضانات والجريان السطحي في المناطق الحضرية.
ويقول: “بالإضافة إلى استخدام الأسطح الخضراء، من الممكن إنشاء خزانات جوفية، وهي الآلية الرومانية القديمة التي بدأت بعض الدول التي تعاني من نقص المياه، مثل الأردن، باستخدامها، كمياه الأمطار الزائدة في فصل الشتاء . ويذهب إلى هذه الخزانات لاستخدامها في الصيف”.